الخميس، 23 يوليو 2015

من طرائف البخلاء

طرف من كتاب البخلاء للجاحظ
 
سأل خالد بن صفوان رجل فأعطاه درهماً، فاستقله السائل، فقال: يا أحمق! إن الدرهم عشر العشرة، وإن العشرة عشر المائة، وإن المائة عشر الألف، وإن الألف عشر العشرة الآلاف. أما ترى كيف ارتفع الدرهم إلى دية مسلم .

كان رجل يغشى طعام الجوهري، وكان يتحرى وقته ولا يخطئ. فإذا دخل والقوم يأكلون، وحين وضع الخوان، قال: لعن الله القدرية، من كان يستطيع أن يصرفني عن أكل الطعام، وقد كان في اللوح المحفوظ أني سآكله، فلما أكثر من ذلك، قال له رياح: تعال بالعشي أو بالغداة. فإن وجدت شيئاً فالعن القدرية، والعن آباءهم وأمهاتهم
استلف زبيدة بن حميد من بقال كان على باب داره درهمين وأربع حبات شعير ، فلما قضاه بعد ستة أشهر قضاه درهمين وثلاث حبات شعير ، فأغتاظ وقال البقال : سبحان الله أنت رب مائة ألف دينار وأنا بقال لا أملك مائة فلس وإنما أعيش بكدى ، وباستفضال الحبة والحبتين سلفتك درهمين وأربع حبات شعير فقضيتني بعد ستة أشهر درهمين وثلاث حبات شعير ؟ فقال زبيدة : يا مجنون أسلفتني بالصيف فقظيتك في الشتاء ، وثلاث شعيرات شتوية ندية تزن أربع شعيرات يابسة صيفية ، ولا أشك أن معك فضلا

حكى عن بعض البخلاء أنه حلف يوماً على صديقه وأحضر له خبزاً وجبناً وقال : لا تستقل الجبن فإن الرطل منه بثلاثة دراهم ؟ فقال له ضيفه : أنا أجعله بردهم ونصف الدرهم ؟ قال : وكيف ذلك ؟ قال : آكل لقمة بجبن ولقمة بلا جبن

 قال رمضان: كنت مع شيخ أهوازي في جعفرية. وكنت في الذنب، وكان في الصدر. فلما جاء وقت الغداء، أخرج من سلة له دجاجة، وفرخاً واحداً مبرداً. وأقبل يأكل ويتحدث، ولا يعرض علي. وليس في السفينة غيري وغيره، فرآني أنظر إليه مرة، وإلى ما بين يديه مرة. فتوهم أني أشتهيه واستبطئه. فقال لي: لم تحدق النظر? من كان عنده، أكل مثلي، ومن لك يكن عنده، نظر مثلك.
قال: ثم نظر إلي وأنا أنظر إليه، فقال: يا هناه، أنا رجل حسن الأكل، لا آكل إلا طيب الطعام. وأنا أخاف أن تكون عينك مالحة، وعين مثلك سريعة. فاصرف عني وجهك.
قال: فوثبت عليه، فقبضت على لحيته بيدي اليسرى، ثم تناولت الدجاجة بيدي اليمنى. فما زلت أضرب بها رأسه، حتى تقطعت في يدي، ثم تحول إلى مكاني فمسح وجهه ولحيته. ثم أقبل علي فقال: قد أخرتك أن عينك مالحة، وأنك ستصيبني بعين، قلت: وما شبه هذا من العين، قال إنما العين مكروه يحدث. فقد أنزلت بنا عينك أعظم المكروه، فضحكت ضحكاً ما ضحكت مثله. وتكالمنا حتى كأنه لم يقل قبيحاً، وحتى كأني لم أفرط عليه.
 

ليست هناك تعليقات: