السبت، 10 سبتمبر 2022

حكايات مشاهير من طرابلس القديمة في السبعينيات والثمانينيات

 هناك من الأشخاص من يحفرون اسماءهم عميقا في ذاكرة الناس، لا لأعمال عظيمة ارتبطت بهم، ولكن لمجرد حياة بسيطة عاشوها ورسموا البهجة على وجوه الناس دون قصد، ومن هؤلاء الناس اشتهر في طرابلس اشخاص نذكر منهم ....
نبتديء حديثنا بعلي الزاوي ( المريمي ) الذي اشتهر باسم روما وكان رجلا بسيطا يعيش في منزل صغير بالظهرة خلف روضة الزهور ويطل على شارع البلدية ولم يمتلك من حطام الدنيا الا بيته المتواضع وكلابا تعيش معه فيه يطعمها مما يأكل ولا يبخل عليها بشيء على فقره وسوء حاله , وكان روما يتجول في شوراع طرابلس في الامسيات بعضلاته المفتولة وقميصه غير المزرر غالبا ومن حين الى اخر يطلق صيحة مدوية اشتهر بها كانت كافية لتبث الرعب في اوصال البنات العابرات مع علمهن بأنه شخص ودود غير مؤذ وكنا نضحك لردة فعلهن ونناديه (ايوا روما) فيرد علينا بصيحة تفوق سابقتها في القوة .
بعد وفاته كنا نرى كلابه وهي تجوب الشارع وتنام امام بيته كأنها تنتظر عودته ليطعمها كما كان يفعل من قبل ... ولكن هيهات فقد ذهب روما وذهبت معه نفحة من حكايا طرابلس القديمة .... رحمك الله يا روما وغفر لك

إذا ذكرنا شخصيات طرابلس الطريفة فلا بد ان نذكر ( رز ) وهو رجل ضئيل الجسم ولا
نعرف عنه الا ان اسمه محمود ولا يعرف احد من اين ظهر واين يسكن ولكن كل ما كنا نعرفه ان رز كان رجلا في الستينيات من عمره تقريبا ضئيل الجسم نحيفا بشكل غير عادي ويسير في شوارع طرابلس بخطوات سريعة ولا يتعب من كثرة المشي السريع الذي يضاهي ابطال ألعاب القوى في سرعته وكان دائم الغضب والحنق بلا سبب نعرفه يسير وهو يشتم ويلعن اشخاصا غير مرئيين وأحيانا يتوقف وهو ينظر الى الفراغ ويتخاصم ويتجادل مع اللاشيء وكان الاطفال يلاحقونه وينادونه من بعيد قائلين ( رووووز ) فيترك خصامه مع الشخص اللامرئي وينقله الى اولئك الاطفال المشاكسين وهو يلاحقهم بخطواته السريعة ويلعنهم ولا يحول شيء بينه وبين الفتك بهم الا تفوقهم عليه في الجري , واستمر ظهور ( رز ) قرابة عشرة سنين ليختفي بعدها فجأة كما ظهر فجأة ولم نسمع عنه خبرا الى هذا الحين .... رحم الله هذا الرجل المسكين وغفر له ..

من شخصيات طرابلس الشهيرة ( عرادة ) وهو ايضا كان رجلا مسنا ويحمل على كتفه مسجل كاسيت ضخما ويلصقه على أذنه ويستمع الى محطات الراديو واحيانا كان يلصقه بأذنه والجهاز مطفأ ً ويستمع الى اللاشيء ويتجول في شوارع طرابلس بلا كلل او ملل وكنا احيانا نراه في الصباح في سوق الجمعة وفي المساء نجده يتجول في الظهرة او في شارع ميزران ونحار في عدم شعوره بالتعب .

من الشخصيات الغامضة الاخرى رجل اسمر البشرة في الخمسينيات من عمره تقريبا كان طويلا مفتول العضلات كأنه مصارع وكان يظهر غالبا في منطقة الظهرة ولا نعرف له سكنا وكان دائم الغضب ويشتم بصوت جهوري مرعب كل من يلقي به حظه العاثر في طريقه وكان احيانا يحمل هراوة ضخمة في يده يهدد بها المارة ولكن لم يدم ظهور هذا الرجل طويلا فبعد حوالي عامين اختفى دون ان يعرف احد عنه شيئا ....

احد شخصيات طرابلس كان رجلا مسنا وكان يتجول في الشوارع يطلب الاحسان من المارة ويتبعه عدد كبير من القطط وكان حينما يحصل على احسان كاف ٍ من العابرين يشتري خبزا وعلبة تن ويفترش الارض على الرصيف ياكل ويطعم معه تلك القطط التي وجدت فيه قلبا رحيما افتقده كثير من البشر ....

اخر تلك الشخصيات التي اذكرها رجل شهير باسم ( كررررش ) ولم يعرف احد اسمه او اين يسكن و لكنه كان غالبا يتجول في الظهرة وفشلوم والدهماني كانت له هواية وحيدة وهي انه في اوقات خروج الاطفال من مدارسهم كان يفاجئهم بان يمسك من يجده غافلا غير منتبه من أذنه و يصيح فيها قائلا ( كرررش ) فيفر الاطفال من أمامه مذعورين وهم يتضاحكون وهم ينادونه عمي كررررررش .

سقى الله تلك الايام البسيطة حينما كانت الدنيا لا تزال بخير والقلوب صافية ورحم الله اولئك المساكين الذين رسموا البهجة على وجه كل من عرفهم من أهالي طرابلس .

 

ليست هناك تعليقات: