تسلل يهودي حسن الوجه والثياب لمجلس المأمون العباسي
وجلس ضمن الجالسين ، فتكلم اليهودي فعرفه المأمون ،
فقال له : انت يهودي؟
فقال : أرجوك لا تفضحني ولا تكشفني !
فقال المأمون : إن أسلمت اجزلت لك العطاء وأمنتك من قومك فلا يقربك أحد .
فقال اليهودي : ديني ودين آبائي يمنعوني من الإسلام ،
فلا تحرجني ودعني أفكر ثم إن اقتنعت سآتيك.
فتركه .. فلما كان بعد سنة ، جاء وهو مسلم مُوّحد وفاجأ الرجل المأمون والجالسين من المسلمين ، وكانوا جمعاً غفيراً أنه يتكلم في الفقه فأحسن الكلام ، وتكلم في القرٱن فأحسن الكلام والجميع في ذهول ..!!
فلما انفض المجلس دعاه المأمون فقال: ألست صاحبنا اليهودي الذي طلبت الإمهال !
قال : نعم.
قال المأمون : قل يارجل أي شيء دعاك إلى الإسلام، وقد كنت عرضته عليك فأبيت.
قال : إِني أحسن الخط، فمضيت فكتبت ثلاث نسخ من التوراة ،فزدت فيها ونقصت وأدخلتها البيعة ، فبعتها، فاشتُراها الناس ولم يلاحظوا أو يعترضوا .
ثم استطرد الرجل قائلا : وكتبت ثلاث نسخ من الإنجيل، فزدت فيها ونقصت فأدخلتها إلى الكنيسة فاشتراها الناس ولم يلاحظوا أو يعترضوا .
ولما عمدت إلى القرآن فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها إلى الوراقين ، فكلما تصفحوها فرأوا الزيادة والنقصان رموا بالزيادة في وجهي ونظروا إليّ نظرة احتقار وازدراء ،
فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ.
فتذكرت آية في كتابكم وهي قول الخالق الحق :
" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُوْن "
فكان هذا المصحف وهذا الكتاب الذي هو حقاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو سبب إسلامي ، فأنا اشهد انه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم / لابن الجوزي (٢٢٠/٣)