عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ .
يقول الشيخ محمد راتب النابلسي :
هذا حديث خطير ، المفلس من صلى وصام وزكى وهو مفلس ، شتم هذا ، قذف هذا ، أكل مال هذا ، سفك دم هذا ، ضرب هذا ، ماذا يملك هذا المفلس ؟ يملك هذه الأعمال، يعطى هذا من حسناته وليس معه أموال ، رأس ماله بعض الحسنات ، له سيئات وحسنات ، كيف يقضى بالسيئات؟ يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار .
لما النبي عليه الصلاة والسلام سأل أصحابه أتدرون من المفلس ؟ معنى أتدرون من الدراية والدراية العلم ببواطن الأمور ، فلان من أولي الدراية ، أتدرون أي أتعلمون من هو المفلس حقيقةً ؟ هذا يؤكد قول سيدنا علي كرم الله وجهه : " الغنى والفقر بعد العرض على الله "
هم حينما سئلوا هذا السؤال أجابوا إجابةٍ من خلال خبراتهم ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، المتاع كل شيء تنتفع به في الدنيا ، فالدابة متاع ، والبيت متاع ، والسرير متاع ، والثياب متاع ، الحاجات إما عندك الحاجات أو عندك قيم الحاجات ، الحاجات هي المفروشات ، الألبسة ، البيوت، الطعام ، الشراب ، المؤونة ، أو قيم الحاجات التي هي المال ، هذا المفلس بنظر أصحاب رسول الله ليس عنده لا درهم ولا متاع ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا ، لأن هذا المفلس ربما اغتنى في لحظة من اللحظات ، ربما أصاب مالاً فاشترى بيتاً ، واشترى مركبةً ، واشترى بستاناً .
((... قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلاةٍ وَزَكَاةٍ ))
[مسلم عن أبي هريرة]
هو من المسلمين جاء بصلاة وصيام وزكاة ، هذا يؤكد أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال :
(( بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِة الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))
[البخاري وابن خزيمة عن عبد الله بن عمر ]
بني على خمس دعائم ، والدعائم بالتأكيد ليست هي الإسلام وإن كان الإسلام قد بني عليها ، الدعائم ليست هي الإسلام ، فهذا جاء بصلاة وصيام وزكاة لكنه لم يستقم على أمر الله ، وهذا يؤكد قول سيدنا عمر : من شاء صام ومن شاء صلى لكنها الاستقامة ، لأن الصلاة والصوم والحج والزكاة هذه عبادات قد يفعلها الإنسان وفي نفسه إخلاص لها ، وقد يفعلها نفاقاً ، لكن مركز الثقل هو أن ينضبط على أمر الله يأتي وقت :
(( وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا))
أي اتهم امرأةً بأنها زانية وهي ليست كذلك ، وقد مرّ بنا أن : " قذف محصنةٍ يهدم عمل مئة سنة ، وَأَكَلَ مَالَ أي بطريقة من الطرق ، إذا أوهمته أن البضاعة من نوع معين ورفعت السعر ، الفرق هو فرق حرام ، هو دفع على أساس البضاعة أجنبية وهي ليست كذلك ، إذا أوهمته بالكمية أكبر ، بالنوعية أكبر ، بالمصدر ، الصنع من نوع معين ، إذا أوهمته أن هذه البضاعة لن تحصل عليها بعد اليوم ، وهذه فرصة العمر هذا أيضاً إيهام ، أي إيهام خلاف الواقع فهو نوع من الغش ، أو نوع من التغرير ، أو نوع من الغبن .
(( وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ))
طبعاً قتل ، وضرب ، وأكل المال ، وتحدث عن النساء ، وشتم ، يوم القيامة يعطى هذا من حسناته ، طبعاً هذا يبدو الذي يعنيه النبي عليه الصلاة والسلام خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، مادام هناك خلط أي معه حسنات ومعه سيئات ، كيف تحل هذه السيئات يوم القيامة ؟ أصحاب الحقوق عليه يأخذون من حسناته حتى يستوفوا حقوقهم ، لو أن حقوقهم لم تستوفَ بعد ماذا نفعل ؟ يطرح عليه من سيئاتهم ، عندئذٍ تذهب حسناته ويضاف إلى سيئاته سيئات ، عندئذٍ يطرح في النار رواه مسلم .