قصة ماء سبيل بومليانة و كيف كانت تتم تغذيته بالمياه اقتباسا عن كتاب " المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب " تأليف أحمد بك النائب الأنصاري الطرابلسي و تم طباعته في الآستانة سنة 1899 م .
و تتميما للفائدة أرفقنا صورة نادرة لبئر بومليانة الذي جاء وصفه في الكتاب المذكور كما كان يبدو سنة 1911 مع صور أخرى لماء سبيل بومليانة في شارع الخندق كما قمنا بتحويل التاريخ الذي تم افتتاح ماء السبيل فيه من الهجري الى الميلادي فكان 15 شعبان 1308 هـ يوافق 25 مارس 1891ميلادي .
وكان الفقراء من الأهالي يعانون مصاعب جمّة في الحصول على الماء ، فلما رأى ذلك حضرة الوالي أحمد راسم باشا ، استحسن أن يجلب إلى البلدة ماء البئر المعروفة ببئر أبومليانة الواقعة خارج البلدة على مسافة نصف ساعة إلى الجنوب ، وهي خاصة من القديم باستفادة العموم ، ومشهورة بلذة مائها وغزارته . وعمقها أربعة عشر مترا ونصف ، فأمر بزيادة حفر هذه البئر وتنظيفها جيدا في أول الأمر ، وإبلاغ عمق مائها إلى أربعة أمتار ونصف ، وإتقان بناء داخلها وتوسيعه . ثم أوصى إلى أوروبا على آلة بخارية لرفع الماء تعادل قوة أربعة من الخيول ، فجيء بها ، ودفع ثمنها من واردات البلدية ، ووضعت على البئر ، وأنشئ بإزاء فم البئر غرفتان واحدة للآلة والأخرى لمديرها ، وخزان الماء متين ومحكم ، مساحته طولا عشرة أمتار وعرضا كذلك ، وارتفاعه ستة أمتار ، ولأجل إيصال الماء المجتمع في ذلك الخزان إلى البلدة مدّت على مسافة ألفين وخمسمائة متر أنابيب جيء بها من أوروبا أيضا ، قطرها عشرة سنتيمترات ونصف ، وبنيت عين (خزان) في غاية الرصانة والمتانة لتكون مركزا للماء خارج باب الخندق متصلة بالبئر بواسطة مواسير تحت الأرض ، طول العين سبعة أمتار ، وعرضها ستة ، وارتفاعها خمسة ، وتسع 62400 أقة عتيقة من الماء ، وجدارها من الوراء ملاصق لحائط القلعة الحاجز بين باب الخندق المذكور وباب المنشية ، وقد غلفت هذه العين بالحجر المالطي الصلد ، وزينت بنقوش لطيفة منحوتة على هذا الحجر ، ووضع على كل من أضلاعها الثلاثة أنبوبتان كبيرتان ، وأنشئت حياض صغيرة مستطيلة الشكل في أطرافها من الحجر المالطي أيضا ، و بنيت بها طرق لجريان الماء الزائد إلى البحر ، وتبلطت أطراف العين ، فصار كل فقراء المدينة وحمالوا الماء والعساكر السلطانية يأخذون الماء من هذه العين ليلا ونهارا منذ اليوم الخامس عشر من شعبان المعظم سنة 1308 هـ ، والكل يثنون على حضرة الوالي أحمد راسم باشا ، مردفين ثناءهم بالدعوات الخيرية للحضرة العلية السلطانية من أجل تيسير هذا النجاح العظيم .
وقد حضر رسم افتتاح هذه العين حضرة ذي العطوفة محمود بك أفندي رجائي زاده . أحد أعضاء شورى الدولة ، ومن أعاظم الأدباء والشعراء ، لما كان هنا عضوا للهيئة التفتيشية ، فأنشأ منظومة تاريخية تركية العبارة ، نقشت على واجهة تلك العين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق