نصحية منهجية من محب للجميع
التعامل مع المسائل الخلافية الاجتهادية ومنها زكاة الفطر لفضيلة الشيخ محمود بن موسى
ذكرتُ في المنشور السابق ما يتعلق بمسألة التعامل مع المسائل الخلافية الاجتهادية ومنها زكاة الفطر وما اعتراها من غلوٍ، وتعصبٍ، ولغطٍ، وشططٍ !!!
وقلت : وللإنصاف وإحقاق الحق أقول : إن هؤلاء الذين تعاملوا معها بغلوٍ معذورون من وجه، وغير معذورين من وجه آخر .
أما عدم إعذارهم فمن جهة كونهم يتكلمون بجرأة، ويجادلون بجهالة، ويخوضون بتسفيه، ويناقشون ويردون بتعصب وفوضوية، هداهم الله .
مع أن فرضهم و الواجب عليهم، - كونهم مقلدين- أن يعملوا بقول مقلدهم ويسكتوا، فليس للمقلد - وأَنَّى له - أن يتكلم ويناظر ويجادل ويستدل !!! ..
قال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله - " أجمعَ الناس على أن المقلد ليس معدودًا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله".
وقد حُكى الإجماع على أن المقلد لايصح منه الاستدلال بالكتاب العزيز، السنة المطهرة، لفقده شرط أهلية النظر .
فيكفي المقلد أن ينقل كلام من قلده، ويحكي قوله وفتواه ولايزيد، أما أن يجادل، ويناظر، وينافح، بل يخاصم، وينازع، ويُسَفِّه، ويُجهِّل، ويُبَدِّع، ويُضَلِّل، ويبطل عبادات الناس، فهذه من الدواهي، وهذا مُتَجَاوِزٌ لحدوده، عاصٍ لربه، آثم بلاريب، ولاشك؛ والله المستعان .
وأما وجه كونهم معذورين - عندي - فمن جهة أن كثيرًا من العلماء الأجلاء، والشيوخ الفضلاء -عفا الله عنهم - تسببوا في هذا الأمر من حيث لم يقصدوا، ولم يعلموا أن مقلديهم، ومحبيهم = سيحدثون هذه الفوضى، وينشرون هذه الفتنة؛ ويقعون في هذا الغلو، والشطط، والولاء والبراء، والإلزام في مسائل اجتهادية ومنها زكاة الفطر- بناء على كلامهم واجتهادهم وفتاواهم .
ففي نظري أن كثيرًا من هؤلاء العلماء الفضلاء -رحمهم الله- تسببت بعضُ فتاويهم، وطرائق استدلالهم، في هذا الأمر وغيره؛ وذلك بواقع تعاملهم مع المسألة من الناحية الإفتائية الاستدلاليه فقط، دون الاهتمام والعناية - في نفس الوقت - بالناحية التأصيلية والتربوية، فكانوا يُبَيِّنُونَ القولَ الراجحَ - عندهم- وفي نظرهم واجتهادهم، مع بيان دليلهم بنوع شدةٍ وقوةٍ في ترجيحهم، وتقريرهم، واستدلالهم، تبعا لقناعتهم، ولم يتكلموا عن المسألة بتأصيلها الشرعي من حيثُ مرتبتُها، وبيانُ الخلافِ فيها، وذكرُ القائلينّ بها، وأدلهُ كلِ قولٍ علىَ وجهِ التفصيلِ، وهلْ هيَ منْ المسائلِ الفقهيةِ الاجتهاديِة التي لا يجوزُ الإلزامُ بها، أم أنها من المسائلِ القطعيةِ التي لا يسعُ أحداً مخالفتُها، ويُعَدُّ المُخالفُ فيهاَ عاصيًا، مستحقًا للذمِ والعقوبةِ، والوصم بمخالفة السنة .
فترتب على ذلك أن المتلقي عنهم، والآخذ لفتاواهم يفهم متوهمًا، ويعتقد غالطًا ، أن ما قرروه وذكروه في المسالة هو الحق الآحادي المبين، وأن خلافه معصية لرب العالمين، وابتداع في الدين، ومخالف لسنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم - .
لعدم إدراكهم الفرق بين الحكم التنظيري الاستدلالي،
والحكم التنزيلي التطبيقي على الأعيان في المسائل الاجتهادية التي يكون الخلاف فيها معتبرًا .
وأنا أجزم أن هؤلاء العلماء - رحمهم الله - ما قصدوا هذا، ولو علموا ما سيحدثه الناس - من بعدهم - بأقاويلهم وفتاويهم واجتهاداتهم، وما سيتعاملون به في هذه المسائل #الخلافية_الاجتهادية، لما كان هذا خِطَابَهُمْ، ولما كانت هذه طريقةَ عرضهم للمسائل، ولما خرجت فتاواهم على هذا النمط والنسق الإلزامي .
لاسيما وأن لهؤلاء العلماء كلمات وتوجيهات منهجية، وفتاوى وتقريرات تفصيلية أخرى يقررون فيها ذمَ الغلوِ، وإنكارَ التعصبِ للرجالِ، والمنعَ من الإلزامِ بالآراءِ والأقوالِ الاجتهاديةِ، ووجوبَ التعاملِ مع المسائلِ الفقهيةِ الخلافيةِ الاجتهاديةِوالدلائلِ الظنيةِ بإنزالِها منزلتِها، ومعرفةِ مرتبتِها، والاعتدالِ والتوسطِ في تناولِها وبيانِها، والموقفِ من المخالفِ فيها .
وذلك عملاً بالأصل الشرعي، والمنهج الاستدلالي، و أن ( المسائل الاجتهادية ليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلمُ بالحججِ العلميةِ، فمَنْ تَبيّن لهُ صحةُ أحدِ القولينِ تَبِعَه ومَنْ قَلَّدَ أهلَ القولِ الآخرِ فلاَ إنكارَ عليهِ.) انتهى من "مجموع الفتاوى لابن تيمية" {48/ 30}
ومنْ خالفَ هذا الأصلَ، وتشدَّدَ وأنكرَ وأَلزمَ فقدْ نادىَ علىَ نفسهِ بالجهلِ .
ومنْ بابِ أنهُ بالمثالِ يتضحُ المقالُ سأذكر مثالين واضحين لبعض شيوخنا الكرام .
المثال الأول لشيخنا العلاَّمة العثيمين - رحمه الله - وهو ممن يرى وجوب إخراجها طعامًا، ويفتي بعدم جواز وإِجْزَاءِ النقود، ويرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقودًا .
بل ويستدلُ علىَ عدمِ إجزائِها، وأنها لاتبرأُ الذمةُ بها، بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". !!!
ولاشك - عندي- أن كلام شيخنا واستدلاله محل نظر ونقاش وتأمل .
وكلامه هذا، هو الذي قصدُته آنفًا بكلامي عن تقرير المسألة بنوع شدةٍ وقوةٍ في ترجيحهم، وتقريرهم، واستدلالهم؛ واستعمالهم لبعض الأساليب، التي ترتب عليها فهم المتلقي، واعتقاده أنها الحق المبين، وأن القول الآخر باطل بيقين !!!
ولإثبات ما ذكرته آنفًا من التفريق بين التنظير والتدليل والإفتاء على وجه العموم، وبين التنزيل والتطبيق والحكم على الأعيان فإنه - رحمه الله - سئل عن شخصٍ كان يخرج زكاة الفطر نقداً، آخذاً بقول علماء بلده … ؟
فأجاب بقوله : " كل من فعل شيئاً بفتوى عالم، أو باتباع علماء بلده، فلا شيء عليه " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم 191، سؤال رقم/19) .
يعني وإن كان شيخنا العثيمينُ يرى عدمَ صحتِها نظريًا وإفتائيًا، فإن زكاته صحيحة على قول الذي أفتاه .
وهذا يشبه فتواه بصحة صلاة من يرى ويفتي بعدم نقض الوضوء بأكل لحم الجزور، مع أنه هو ممن يفتي ويرى انتقاض وضوئه، وبطلان صلاته .
وقد سئل شيخنا العثيمين سؤالاً آخر عن " تصرف الهيئة المشكلة لتقدير زكاة الثمار_بدراهم . "
فأجاب - رحمه الله - بقوله : ( سؤالكم عن تصرف الهيئة المشكلة لتقدير زكاة الثمار بدراهم، وكل نوع على حدة، إلخ ما ذكرتم.
نفيدكم أولاً : أن ولاة الأمور إذا رأوا المصلحة في شيء لا يخالف الشريعة فإن طاعتهم واجبة…
ثانيًا : ...
ثالثًا : وأما أخذ الدراهم عن التمر ففيه مصلحة_كبيرة للفقراء؛ لأنه أنفع لهم، وأرغب إليهم، ولقد مضت السنوات السابقة والتمور المقبوضة زكاة في المخازن لم يستفد منها أحد حتى فسدت!، وقد علم الناس كلهم قلة رغبة الناس في التمر هذه السنين، فكيف تطيب نفس الفلاح، أو أهل الأصل أن يبيعوا تمورهم بدراهم ثم يخرجوا زكاتها من التمر، وربما يكون من نوع لا يساوي زكاة النوع الجيد.
وعليه فإخراج الدراهم فيه فائدة لرب المال من الفلاحين وأهل الأصل، وهي تيقن إبراء ذممهم وخروجهم من العهدة.
وإجزاء القيمة عن الزكاة هو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله، وعنه رواية أخرى يجزىء للحاجة.
وذكر بعضهم رواية أخرى يجزىء للمصلحة، هذا معنى ما قاله في الفروع (ص 365 ج 2 ط آل ثاني ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (ص 28، 38 ج 52 لابن القاسم ) : وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به،
رابعا: ...
هذا ما لزم، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ) كتبه محمد الصالح العثيمين في 17/3/1420 هـ. انتهى مختصرًا من { مجموع فتاوى ورسائل العثيمين} (18/ 66)
المثال الثاني لشيخنا العلاَّمة الألباني - رحمه الله - فإنه كان شديدًا في تقرير هذه المسألة ..
فقد قال عمن رأي جواز إخراج القيمة : ( حينما يأتي إنسان ويقول : نخرج القيمة هذا أنفع للفقير، هذا يخطئ مرتين، المرة الأولى أنه خالف النص، والقضية تعبدية، هذا أقل ما يقال.
لكن الناحية الثانية خطيرة جدًا لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة ليس داري هو ولا عارف مصلحة الفقراء والمساكين، كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأن إخراج القيمة أفضل …) سلسلة الهدى والنور { 274 }
ولاشك - عندي- أن كلام شيخنا واستدلاله محل نظر ونقاش وتأمل .
وكلامه هذا، هو الذي قصدُته آنفًا بكلامي عن تقرير المسألة بنوع شدةٍ وقوةٍ في ترجيحهم، وتقريرهم، واستدلالهم ، ترتب عليه فهم المتلقي، واعتقاده أنها الحق المبين، وأن القول الآخر باطل بيقين !!!
ولإثبات ما ذكرته آنفًا من التفريق بين التنظير والإفتاء على وجه العموم، وبين التنزيل والتطبيق والحكم على الأعيان ، وأن المسألة اجتهادية تتغيَّر في الأقوال والاجتهادات من حين لآخر
فإن لشيخنا الألباني فتوى قديمة ﺳﺌﻞ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ- : ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻗﻴﻤﺔ ﺻﺪﻗﺔ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻬﺎ؟
ﻓﺄﺟﺎﺏ : (( ﻫﺬﺍ ﻻﺷﻚَّ ﻳﺠﺎﺏ ﻋﻨﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ_ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺑﻴﺌﺎﺕ ﻣﺘﺄﺛﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ؛ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻻ ﻳﻄﺤﻨﻮﻥ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﺼﺪّﻕ ﻗﻤﺤًﺎ ﺃﻭ ﺷﻌﻴﺮًﺍ، ﻓﺈﻧَّﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻭﺳﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﻌﻪ، ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺪ، ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻧﻘﻮﻝ : ﺇﺫﺍ ﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﺈﺧﺮﺍﺝ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﺰﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺁﺫﻳﻨﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺳﺒﺒﻨﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻣﺮﺗﻴﻦ!!؛
ﻣﺮَّﺓ ﺣﻴﻦ ﺑﺎﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﻓﺈﻧَّﻪ ﺳﻴﺨﺴﺮ ﻓﻴﻬﺎ، ﺛﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﺮَّﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺷﻴﺌﺎً ﺁﺧﺮ، ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻳﺘﺄﺫﻯ .
ﻭﻫﺬﻩ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺰﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﻳﺪﺭﻯ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳُﻌﺮﻑ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻣﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺇﻟﻴﻬﺎ؛ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﻫﻜﺬﺍ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ !! ،
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻓﻼﺷﻚَّ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻬﺎ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ؛ ﻭﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺗﺘﻀﺮﺭ ﺇﺫﺍﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﺈﺧﺮﺍﺝ ﺃﻋﻴﺎﻥ،
ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ : ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ )
[ ﺍﻟﺤﺎﻭﻱ ﻣﻦ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﺝ 1 ﺹ 332 ]
وأخيرًا أقول: ليس المقصود أصالة من هذا المقال بيان حكم إخراج زكاة الفطر طعامًا أو نقودًا، وإنما المقصود والمراد تقرير أن المسألة خلافية اجتهادية، وأن الخلاف فيها معتبر، وأن الواجب فيها العمل بما تطمئن إليه النفس، ويعتقد المسلم أنه أقرب للحق، وأرضى للرب تعالى .
فانتهوا ياقومنا من هذا الشقاق، واتركوا هذا الغلو " فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين "
واحذروا الغلو كله فإنه مذموم، ومناقض للشرع، والعقل، والفطرة، وحسن الخلق؛
و قد كنا قديمًا نشتكي من الغلو في التكفير، وها نحن اليوم نشتكي من الغلو في التجريح والترجيح !!!
فالغلو والتعصب والحزبية أمورٌ مركوزة في العقل الإنساني بشكل عام إلا من رحم الله تعالى، وأراد بهم خيرًا، فألهم رشدهم، ووقاهم شرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم .
هدانا الله لأقرب من هذا رشدا، وأصلح بالنا، وجمع شتاتنا، وجعلنا هداة مهتدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه ناصحًا : محمود بن موسى